كتبت الصحافية باولا عطية في موقع "أحوال":
مع اقتراب موسم الأعياد في كل سنة، يتحضّر اللبنانيون لاستقبال هذا الشهر بشراء الهدايا وإعداد قائمة العشاء، أو تصفّح برامج أماكن السهر لحجز مقاعدهم. إلا أنّ الوضع هذا العام سيكون مختلفًا، فإلى جانب الأزمتين الاقتصادية والمالية، سيُحرم اللبنانيون من استخدام بطاقاتهم الائتمانية لشراء “هدايا العيد”، بعد أن قامت معظم المؤسسات التجارية والسياحية برفضها.
لا هدايا هذا العام!
في هذا الصدد، يوضح الخبير الاقتصادي محمود جعفر، في حديث لـ”حوال” أنّ التعامل بالبطاقة الائتمانية يرتبط بعوامل داخلية وخارجية، فالمؤسسات المصرفية تأتي بهذه البطاقات من الخارج حيث يخضع استخدامها لقوانين خارجية، في حين أن المواطن يدفع ثمن هذه البطاقة للمصرف المحلّي، فيقوم الأخير بدفع ضريبة على البطاقة للجهة المخوّلة في الخارج “بالدولار”.
من هنا يتابع جعفر قائلًا: “كون المصارف اللبنانية تعاني من شحّ في السيولة بالعملات الأجنبية، فهي تخشى أن يستخدم المواطن هذه البطاقة لشراء سلع أو خدمات بالعملة الصعبة، ما سيُجبر المصرف على إعادة دفع المبلغ للجهة المخوّلة في الخارج بالدولار على سعر الصرف الجديد، أي 3990 ليرة لبنانية”.
من جهة أخرى، يلفت جعفر إلى أن المؤسسات السياحية كالفنادق والمطاعم، والتجارية كمحلات الأحذية والملابس ترفض الدفع بالبطاقات الائتمانية لأنّها لا تعلم ما سيكون مصير الأموال المدفوعة من هذه البطاقة في حال كانت بالعملة الأجنبية، خصوصًا أن تلك الأموال مجمّدة أو محجوز عليها، وبالتالي قد لا يتمكن صاحب المؤسسة من استلامها بعد إيداعها في حسابه، مضيفًا: “أما في حال استلمها، فسيكون الدفع وفق السعر الذي حدّدته المصارف، أي 3990 ليرة مقابل الدولار، في الوقت الذي يكون صاحب المؤسسة قد اشترى السلع على الدولار وفق سعر صرف السوق السوداء، والذي يتراوح بين الـ7000 والـ 8000 ليرة لبنانية”.
وداعًا Netflix !
وفي سياق متّصل، يشير الخبير الاقتصادي إلى أن هذه المعضلة ستمنع المواطنين من الاشتراك بأبسط الخدمات التي تطلب الدفع بالبطاقة الائتمانية وبالدولار، كـ”Netflix” مثلًا وغيرها من التطبيقات، كما سيُحرم المواطن من الشراء online، ليكشف في حديثه لموقعنا أنّ شركة غوغل وضعت “علامة حمراء” على لبنان وصنّفته من الدول التي تعاني من عدم أمان مصرفي، وبالتالي بات يُمنع على اللبنانيين وضع إعلاناتهم على غوغل أو حتى شراء domain”.
من هنا يلفت جعفر إلى أنه بعد أن عجزت الحكومة اللبنانية عن تسديد سندات “اليوروبوند” للدائنين في الخارج، انخفض تصنيف المصارف اللبنانية ووُضعت نقاط حمراء عليها، الأمر الذي انعكس سلبًا على قطاع الاستثمار أيضًا، حيث تخوّفت العديد من الشركات من فتح أسواق لها في لبنان بسبب العقوبات والإنهيار الاقتصادي والوضع المالي السيء.
الوضع من سيء الى أسوأ.. ولا حلّ!
وفي ما يتعلّق بوضع الليرة اللبنانية، يرى جعفر أنّ الليرة تتّجه الى المزيد من الانهيار مع ارتفاع سعر صرف الدولار، في ظلّ تعزيز الدولار على حساب الليرة، وبالتالي فلا شيء يبشّر خيرًا، إذ قد يرتفع سعر الصرف لاحقًا إلى مستويات قياسية.
في المقابل، ينوّه الخبير الاقتصادي بالدور الذي يلعبه المغتربون اللبنانيون في إنقاذ الوضع الحالي، قائلًا: “لولا التحويلات الخارجية إلى لبنان لكان الوضع كارثيًا، فهذه الأموال هي الوحيدة القادرة على مساعدة اللبنانيين، وهي أموال ضخمة جدًا، حيث يبلغ معدل التحويلات المالية في اليوم الواحد، عبر شركة OMT، حوالي 4,5 ملايين دولار يستلمها 6 آلاف شخص”.
أمّا عن الحلول، فيعتبر أن الحل لم يعد مرتبط بتشكيل الحكومة، بل بسمعة لبنان المالية السيئة في الخارج والفساد الإداري والمالي والمصرفي والسياسي، في وقت يقتصر عمل الحكومة على تبديل المناصب فحسب، بعيدًا عن أي إصلاح جدّي، “فالإصلاح يحتاج إلى تضحية برؤوس كبيرة ومناصب واسترجاع الأموال المنهوبة، وهو أمر لن يُقدِم عليه أحد من المسؤولين الحاليين”، بحسب جعفر.
وحول تثبيت سعر الصرف، يرى جعفر أنّ عدم تثبيته يُعتبر المشكلة الأساسية، والذي من المؤكد سيؤثر على ارتفاع سعر السلع بشكل جنوني في فترة الأعياد تحديدًا، خصوصًا بعد رفع الدعم الذي بدأ يُطبّق على عدد من هذه السلع”.
إذًا، يبدو أن نهاية سنة 2020 ستكون صعبة، فلأول مرة سيشعر اللبنانيون على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية بمرارة الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، وسيستقبلون عامًا جديدًا متخوّفين من أن يحمل لهم المزيد من الفوضى والانهيار والفراغ!