لن نذهب معكم إلى الهاوية
عقل العويط
في داخل قوى الاعتراض، أوادم أحرار وحكماء كُثُر. لكن هناك أيضاً متنطّحون. ومتعمشقون. وانتهازيون. و... خَوَنة. يبدو أن بعضهم لا يريد أن يتعلّم من كيس الغير. بل يريد أن يتعلّم، حصراً، من كيسه، وكيس أهله ومريديه وأقرانه وحلفائه الاعتراضيين. كثرٌ منهم يريدون أن يحرقوا، لا أصابعهم فحسب، بل أصابع الجميع، وكلّ شيء.
لقد بات بعض هؤلاء، يمارس سياسات وألاعيب وكومبينات، هي أسوأ مما تمارسه قوى السلطة في هذا المجال. أقول لهؤلاء بتحذير شديد، إننا لن نذهب معهم إلى الهاوية، حتى لو اضطررنا إلى البقاء في بيوتنا، أو إلى اتخاذ خيارات "جراحية" بديلة. لن نسمح لأحد بابتزازنا و"تقطيع" الوقت إلى 26 آذار، وهو الموعد النهائي لتأليف اللوائح، لوضعنا أمام الأمر الواقع. لن نسمح لأحد بإمرار الماء من تحت الأرجل. ولا بالضحك على الذقون. لا. لن نكون شهود زور على مسخرة "السقوط الحرّ" إلى الهاوية. فليكن هذا معلوماً من الجميع.
أنبّه إلى أن هذا المقال لا يعبّر عن وجهة نظر كاتبه فحسب. إنه يعبّر عن ضمير جمعي اعتراضي أولاً. وهو يعبّر، ثانياً، - انتبِهوا جيداً – عن وجهة نظر أطراف فاعلين في القوى الاعتراضية. وهو يعبّر، ثالثاً، - وأيضاً انتبِهوا جيّداً - عن وجهة نظر ملتزِمات وملتزِمين، ومرشّحات ومرشّحين (لا يُخفى التفويض المعطى لصاحب هذا المقال للتصرف معنوياً ومادياً بتواقيعهم عند الحاجة) لن يتردّدوا في قلب الطاولة، إذا أمعن معميّو البصر والبصيرة في غيّهم وعنادهم، وفي اعتبار أن الله خلقهم وكسر القالب.
منعاً لهذا كلّه، المطلوب ممّن يزعمون أنهم "يمثّلون" قوى الاعتراض، الانتقال الفوري، بلا طقّ حنك، إلى مرحلة التعقل والتواضع: الانسحابات والاختيارات. على أن يليها فوراً، وبدون إبطاء، تأليف اللوائح.
الناس الذين وعدناهم بالتغيير، هل يجوز التلاعب بهم، بمشاعرهم، بأحلامهم، وبطموحاتهم التغييرية؟ هؤلاء المواطنون الأوادم، هل يجوز لأحد "منكم" – يا ممثلي القوى الاعتراضية - أن يخونهم، فيصير يشبه أهل الطبقة السياسية المريضة بنفسها؟ إنكم – وأقول هذا بدون تعميم طبعاً – صرتم أقرب إلى التمثّل بالطبقة السياسية، فكيف تكونون بديلاً منها؟ أنتم بممارساتكم الرعناء والحمقاء هذه، ستجبرون هؤلاء الناس الأحرار على الكفر بكل شيء، وعلى اختيار التمرد العكسي الارتدادي، بالامتناع عن التصويت.
إذا لم تراجعوا حساباتكم المتعجرفة المغمورة بالأوهام والأمراض النفسانية، إذا لم تتراجعوا الآن وفوراً عن متاريسكم الصبيانية السخيفة، وتعقدوا هيئة طوارئ فورية لاختيار الأسماء وتأليف اللوائح، فلن نكون معكم في خيار الهاوية. اذهبوا وحدكم إليها، هذه الهاوية. ولتنصبّ عليكم لعنات الأحرار ونيران المتمردين الديموقراطيين الاعتراضيين المستقلين!
akl.awit@annahar.com.lb