كتب محمد عبدالله
محلل سياسي لبناني
بعد فراغ دام نحو عامين ونصف العام، كان لبنان
يعيش حالة فراغ بلا رئيس للجمهورية ......
فبعد ان فاقت مدة الفراغ في سدة الرئاسة المتوقع
،لاسيما منذ اتفاق الطائف السعودي الذي ارسى نهجا ،منذ مقتبل التسعينات من القرن
الماضي ،سلطويا للعمل في لبنان غداة حرب أهلية استمرت لسنوات ...وكما هو المعروف
ان لبنان منذ استقلاله عن الانتداب الفرنسي عام 43 ،حكمه اثنا عشر رئيسا .
الرئيس المنتخب اخيرا ميشال عون هو الرقم 13
،وشاءت الصدف ان يكون الرقم بين 8 و14 اي ان الرئيس عون الذي كان يعرف بقربه
وتقاربه مع حلف الثامن من اذار ،مع انه هو الذي كان من صلب فريق الرابع عشر من
اذار غداة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وعودة عون من منفاه الباريسي الذي
غادر اليه اثر دخول القوات السورية لبنان عام 89.
انتخاب عون اثار موجة تحليلات حول من هو الفائز
على المستوى الدولي والاقليمي .فهناك من يقول بان ايران وحلفائها في لبنان حققت
انتصارا على الفريق الأخر اي السعودية وحلفائها ..
بين هذين النظريتين خفي على المحللين الذين
يتبنون ذلك عوامل ومؤثرات كثيرة ،وبعد جولات وصولات ترافقت طوال فترة الشغور
الرئاسي .....
فالجلسة الأولى كما هو المعروف ترشح رئيس حزب
القوات اللبنانية سمير جعجع كخيار ل فريق 14 اذار ولكن الجنرال عون في وقتها ومع
انه كان خيار قوى 8اذار وحزب الله وحلفائه الا انه لم يترشح ....ولم تحصل النتائج
التي توصل جعجع الى سدة الحكم ...بعدها تنقلت الخيارات السياسية لرؤساء الكتل
ولاسيما الرئيس سعد الحريري الذي رشح من الأسماء الاربعة التي تم التوافق عليها في
بكركي اي مقر البطركية المارونية وهي المرجعية المسيحية الاقوى في لبنان وسائر
الشرق ،وهم الرئيس السابق للجمهورية امين الجميل ،النائب سليمان فرنجية ،الدكتور
سمير جعجع ،العماد ميشال عون ،...كل هذه الخيارات طرحت في سنوات الفراغ الا انها
لم توصل لاي نتيجة.
فكان ترشيح رئيس تكتل المستقبل الموالي للسعودية
رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ،وهو المعروف بانه ركن من اركان حلف 8اذار
والمحسوب اقليميا على ايران وعلاقاته الشخصية مع الرئيس بشار الاسد .....هنا بدات
بذور الخلاف داخل الحلف الاذاي لمحور ايران لأنه هذا الترشيح شكل منافسة داخل
البيت الواحد الموالي لايران ....اي فرنجية وعون ....
غير ان ذلك كشف ان هناك نوايا لايران وحلفائها
او على الاقل بعض منهم بعدم حل مشكلة الفراغ الرئاسي في لبنان واستفادتهم من ذلك
الفراغ سياسيا وامنيا واقليميا .
من هنا وبعد ان تنامت بذرور الفرة داخل الفريق
الواحد ،وسيطرت الجمود على الملف الرئاسي قرر الحريري تغيير خيار ضمن الاطار نفسه
ليكشف نية المعطلين والذين قاطعوا كل جلسات انتخاب الرئيس ....فقال لهم تريدون
العماد ميشال عون رئيسا لا مشكلة فليكن ذلك /فخطى الحريري خطوة جريئة نحو تبني
ترشيح العماد عون ،مع كل مع لذلك من تداعيات على شعبيته وشارعه السني الذي كان
يعتبر بان عون مرشح ايران وحزب الله وحلفائهم ،ووصوله سيشكل ضربة قاضية لتيار
المستقبل ومن يمثل ...
هذه النظرية قد تكون صحيحة لو ان عون انتخب
بمعركة تنافسية بينه وبين مرشح اخر يتبه السياسة السعودية او الرابع عشر من اذار
،الا ان ما حصل مغاير لهذه الصورة بل هو افرز شرخا وتككا داخل حلف ايران في لبنان
...ومن هنا يمكن القول ان السعودية التي تدعم الحريري وان كانت تقف وراء هذا
الخيار فهي لم تخسر كما يروج البعض ،انما اربكت ايران وحلفائها .
...
بعد كل ذلك حصل خلط اوراق مرتبط بتسويات اقليمية
ودولية يبدو ...بدا الحديث
وهذا جليا انكشف من خلال تصريح رئيس المجلس
النيابي نبيه بري الذي اعتبر الامر تسوية ايرانية اميركية ....غير ان ذلك .ترافق
مع تاييد الجنرال عون من حزب القوات اللبنانية المنافس الاول له فاعاد الرئيس سعد
الحريري خياراته وقرر تبني العماد عون مرشحا قويا لرئاسة الجمههورية اللبنانية،
فكان الخيار الصائب الذي حصل اليوم ترجمة فعلية بوصول العماد عون الى رئاسة
الجمهورية باغلبية 83صوتا ...والذي يستتبع باعادة تفعيل الحالة السياسية
والمؤسساتية اللبنانية مع ترقب تكليف الرئيس سعد رفيق الحريري لترؤس الحكومة
اللبنانية والمتوقع خلال هذا الاسبوع ....اذا اليوم يمكننا القول لبنان اعاد تفعيل
مؤسساته الدستورية ...ولو ان هناك كثر يتحدثون عن عقبات ستواجه المرحلة المقبلة ان
في تشكيل الحكومة او في اختيار قانون جديد للانتخابات النيابية التي ستحصل مع
الربيع المقبل....