ماذا عسانا ان نقول ..!
جبران الحياة والانتفاض
على الواقع
كتب محمد عبدالله
اثنا عشر عاما مرت على
استشهاد ذلك الشامخ، الذي كان ينظر لحياته في سن الأربعين، انها بونس اضافي،وهي
عبارة لطالما سمعتها منه ، على اعتبار ان معظم رفاقه ومن عاصرهم قتلوا واستشهدوا
او تمت تصفيتهم بطرق شتى .
جبران صحافيا وسياسيا نوعيا ،انه روح شبابية عابرة للطوائف والقارات ،نعم
كيف لا وهو الذي جمع نحو 1500شاب وصبية في مطبوعته الشبابية "نهار
الشباب" التي أبصرت نورها مع بداية التسعينات ،وعابرة للقارات مع
"النهار العربي والدولي"مطبوعته الدولية، تلك الاخرى التي فاق صيتها
وصداها دول وقارات.
جبران الذي كان يتلقى
اتصالات يومية معترضة ومنتقدة من أصحاب المصالح وكبار القوم على ما كان يكتبه بعض الزملاء ،وكنت واحدا ممن
شملهم ذلك ،وهذا ما علمته لاحقا ،لأنه لم يبادرني يوما معاكسا لتغيير حقيقة مقال
او مقابلة ،بل انه كان يشجع حتى على نشر اخبار ومواضيع لا توافقه سياسيا لأنه كان
يقول :"ميزة النهار انها ليست نشرة حزبية، والديمقراطية ان يحصل الجميع على
حقوقه أمام الراي العام "..
وفي هذا اذكر يوما
الصديق كابي عبد المسيح وهو كان مدير مكتبه السياسي ...التقى بي في مدخل الجريدة
وبادرني مازحا :حل عنه للنائب الفولاني اليوم شاف الاستاذ وقله هيدا محمد عبدالله
عم يشتغل ضدنا ،...فحينها وحشرية صحافية زائدة لاعرف اكثراتصلت به لاعرف ملاحظاته
فقال لي جبران :" ...اشتغل شغلك ولو ما عم تكشف الحقائق ما انزعجوا منك
....وانا سعيد لذلك ".
انه جبران الذي خرق كل
الخطوط الحمر وانتفض على كل الوصايات ،وخاض معارك الشرف والكرامة في مواجهة
المتاجرين بالبلد ،وكثر منهم ركبوا موجة استشهاده وهم كانوا يهزؤون من تهديدات
القتل التي تلقاه جبران وذلك قبل اسبوع على الاغتيال !!!
جبران الذي كسر قيود
الخوف ،لم يتوقف عند ذلك بل هو كان السباق بكسر جدار الانقسامات والكانتونات من
خلال الجولات التي كانت تنظمها "نهارالشباب" الى المناطق اللبنانية من
اقاصي الجنوب الى اقاصي الشمال ،وربما كانت الغصة التي لم استطيع تحقيقها تلك
الزيارة التي كنا ننوي تنظيمها للشوف ،وقد وجهنا في حينها تهديدا من الوصاية
السورية،وللأسف بلسان نواب قفزوا بعدها
الى منصة الدفاع عن السيادة والاستقلال !!!!
نعم يومها تم تهديدنا
من مركز مخابرات الوصاية في الرميلة وقيل لي بالحرف "جبران ما الو بالشوف خلي
يفهم هالشي".ولكن وعندما اخبرت جبران ضحكنا سويا و قال لي :"الم يعرف
هذا المحتل ان جذوري شوفية ،وجدي حمادي ...".وتابع "انا لا اخاف ولا
مشكلة لدي ،ولكن لا اريد توريط شباب متحمس معي في مشاكل ".نعم هكذا كان جبران
لا يمتطي احصنة تقتل شعبها وناسها ،كان مقداما شجاعا ،عقلانيا متنورا في معالجة
الامور.
جبران الذي رافقته منذ
منتصف التسعينات اعطاني الأمل والقوة والاندفاع في مقاربة الامور افضل مقاربة ،فهو
الذي كان يردد دائما "نحن سنعمل وهناك من سينتقد ويقلل من شان عملنا الا اننا
سنصل الى الهدف بالمثابرة والعزم والاصرار|" .
جبران الذي هزم قاتليه
قبل تحقيق مأربهم بقسمه التوحيدي
الشهير"نقسم بالله العظيم ان نبقى موحدين مسلمين ومسحيين الى ابد
الابدين ".نقول لك اليوم انك الاقوى لانك ما زلت تهز بكلماتك وصوتك من على
منبر ساحة الشهداء كل المتخاذلين والخائنين للقضية والوطن.
اخيرا ماذا عسانا ان
نقول ،الا الدعوات لتثبيت صيحات ذلك الديك الذي نتف ريشه البعض ،وبتنا بانتظار
بزوغ نهار لبناني جديد بروحية جبران التويني الانتفاضية"..